يكاد حديث تأجيل الاستحقاق النيابي يطغى على ما سواه: إنه على شاشات التلفزة كما على صفحات الصحف. هو في أعمدة الكتّاب كما في عناوين الأخبار، وفي وسائط التواصل الاجتماعي كما في الصالونات السياسية. ومع أن عشرة أشهر تفصلنا عن موعد إجراء الانتخابات في شهر أيار المقبل، فقد استُحضِر هذا الموضوع بصورة لافتة في وقت تبدو مشاغل العباد والبلاد المصيرية في مكان آخر.
ربما يكون ما رافق الإقتراحات المقدَّمة الى المجلس النيابي والتي قد تُقدّم لاحقاً ، ذات الصلة بتعديلاتٍ على قانون الانتخاب، بمثابة الشرارة التي أشعلت نيران الحديث حول التأجيل وكأنه على نار حامية، إلّا أن المعلومات المتوافرة عن أجواء القصر الجمهوري والسراي الكبير تشي بأن هذا الأمر ليس فقط غير دقيق، بل هو غير مطروح على الإطلاق، بل هو بعيد عن تفكير السلطة التنفيذية.
في هذا السياق قال لنا صاحب أحد المقامات الرفيعة (ونسجّل كلامه حرفياً): «إن مجرد التفكير في تأجيل الانتخابات النيابية هو خطأ يقارب الخطيئة الكبرى… فكم بالحري إذا صار قراراً جدّياً، فعندئذٍ سيكون مقتلاً للعهد… وفي تقديرنا والمعلومات إنه غير وارد على الإطلاق لدى السلطة العليا»(…). ويستدرك قائلاً: إننا نتحدث عن وضع مماثل لوضعنا الحالي الذي نأمل في أنه يمضي الى الأحسن ولن يعود الى الأسوأ. ورداً على سؤال عما هو الأسوأ أجاب: أن يكون اللبنانيون تحت حربٍ ما في موعد الانتخابات القانوني الدستوري.
طبعاً لا يفوتنا أن نلاحظ أن بعضاً ممن يتحدثون عن إرجاء الانتخابات النيابية ينطلقون من أمنيات ذاتية وليس من وقائع ملموسة. وهذه حقيقة، فثمة أطراف عدة لا تجد لها مصلحةً أو لا تتوقع فوزاً، فهذه هي الأكثر ترويجاً للتأجيل. وأما الذين يربطون قرار التأجيل بالماغاسنتر وكيفية انتخاب لبنانيي الانتشار، فليسوا على قدْرٍ من الواقعية رغم أهمية هاتين المسألتَين، فقانون الانتخاب موجود ونافذ بالتعديل ومن دونه.
باختصار إن هذه الهمروجة الكلامية على التأجيل قد تكون لها أهداف عدة ولكن بالتأكيد ليس لها أي مرتكَز على أرض الواقع.
khalilelkhoury@elshark.com